قطف التفاحة الحمراء من الشجرة هي مرحلة أخيرة للإستمتاع بها ، لكن كما هو معلوم أن هذه المرحلة يسبقها مراحل عديدة يقوم بها المزارع لتخرج لنا هذه الثمرة كاملة النضوج ، وأيُّ استعجال من المزارع لقطفها قبل آوان نضوجها لا يحقق المراد منها أبداً.
وكما هي عملية المزارع مع التفاحة يشابِهُها عملية المربي مع المُتَربي ، فنحن كثيراً ما نقوم بإغفال عنصر مهم جداً وأساسي عندما نربّي من نرعاهم وهو عنصر ( الصبر وعدم الإستعجال ) لأننا وأثناء تربيتنا لمن حولنا لا نتعامل مع ( آلة حاسبة ) بحيث نضع الأرقام ويظهر لنا بشكل مباشر وسريع النتيجة المطلوبة بل نحن نتعامل مع عقول تدرك وتفهم أحياناً وأحياناً أخرى لا تدرك ولا تفهم ، ونتعامل مع قلوب تحب أحياناً ما نقوم به معهم وأحياناً لا يحبونه ، لذلك كان عنصر الصبر في عملية التربية أساسي ولا يُتخلّى عنه !!
وتكمن أهمية الصبر وعدم الإستعجال أن الحاجة لها على دوام عملية التربية ولو تخلّى عنها المربي فإنه يقع في محظور كبير جداً وللتقريب أكثر في ذلك اذكر لكم مثال الشخص المريض الذي أعطاه طبيبه المختص وصفة علاج وأمرهُ بتناولها ، ثم انتظر الطبيب فترة قصيرة جداً فزاد في جرعة الدواء لأنه لم يرى نتيجة الدواء على مريضة ! وعلى ذلك فمن دون الصبر سنجد أنفسنا نقع في مثل هذه التصرفات والتي بلا شك سينتج عنها سقوط الثقة بين المُتَربي والمربي كما سقطت بين المريض وطبيبه ، ولكب يكتمل مفعول هذا العنصر ( الصبر ) أحتاج أن أشير وبشكل سريع على أمرين مهمين هما :
أولاً : قاعدة التشخيص قبل التوصيف : تمثل هذه القاعدة التربوية الأساس لحل جميع المشاكل السلوكية ، ومعناها أن يكون تشخيصك للمشكلة السلوكية للمُتربي قبل وصف العلاج وأن يكون التشخيص صحيحاً ، فلا فائدة للصبر وتشخيصك للمشكلة غير صحيح في هذه الحالة ( كأنك تصف دواء لمرض غير موجود في المريض ) وحتى يكون تشخيصك للمشكلة صحيحاً يجب عليك أن ترجع للأسباب التي أدّت لحدوث هذه المشكلة فمثلاً :
أن يكون لديك شخص يعاني من مشكلة العصبية أو العناد عليك حتى تطبق هذه القاعدة بشكل صحيح أن تسأل نفسك : ما هي الأسباب التي جعلته يعاني من مشكلة العصبية أو العناد ؟! وعندما تجيب عن هذا السؤال تكون قد شخّصت المشكلة
ثانياً : أن تكون صابراً لا يعنى أن تكون مهملاً : فالإثنان فيهم صفة الإنتظار لكن الأول فيه انتظار مع متابعة ومراقبة للتطوّرات والتغيّرات ، أما الإهمال فهي ترك المشكلة بعد البدأ بعلاجها من دون متابعة ، وعلى قدر أهمية الصبر في التربية فإنها سلاح ذو حدّين قد ينتج عنه إضافة لسلوك المُتَربي وعلاج لمشكلاته وقد يكون سوء وتفاقم في مشكلاته ومن يحدّد هذا الأمر هو مراعاتك للجزئيّتين المذكوريتين أعلاه ، فإنّ إهمالك لهما قد يذهب بك بعيداً عن مرادك في إصلاح مشاكل من حولك .
ثالثاً : الصبر يحتاج لهدوء نفسي داخلي واتزان لدى المربي لأنَّ العملية التربوية بأسرها شاقّة ومتعبة وكل ما كان لدى المربي صفة الهدوء الداخلي والإتزان النفسي كان أقدر على تطبيق عنصر الصبر بشكله الصحيح وهو أن تتعامل مع المُتَربي على أساس القواعد والنصائح التربوية وليس ردّة فعل على أخطائهم ومشاكلهم .
Google Ads