أكلت يوم أكل الثور الأبيض

يحكى أنَّ هناك فيلٌ قد مات وترك من بعده ومن ضمن أملاكه أربعة ثيران (ثورٌ أبيض وثورٌ أحمر وثورٌ أصفر وثورٌ أسود) تشردت الثيران كثيرًا ولأنَّ عله العبودية لازالت بها اتفقت على أن تبحث على مليكٍ جديدٍ لها فدخلوا غابة كبيرة كانوا في الأصل من سُكانها قبل صَكِّ عبوديتهم الأولى للفيل الميت.
 

 أخذوا يبحثون كثيرًا فقالوا نبحث عن الاغنى ملكًا والاقوى بدنًا ليحمينا بغناه وقوته ( أوليسَ لديهم الغِنى والقُوة ) فجأةً سمعوا زئيرًا تهتزُ له أرجاءُ الغَابةِ فقالوا : هاهو من سنعطيه صُكوكنا فهو يبدو من صوته العظيم أنَّه عظيمٌ هرولت الثيرانُ لسيدها الجديد تبحثُ عنه وجدته بعد عبورِ نهرٍ عظيمٍ يفصلُ بين جزئي الغابة الغني والفقير وبزئرة من السيد الجديد كانت الثيران قد أرخت أرجلها وأيديها لتقدم فروض الطاعة والولاء لملك الغابةٍ الجديد

قال الأسد للثيران انقلوني من هذا الجزء الفقير من الغابة إلى جزئكم الغني فأنا أعرف الكثير من شوؤن الحكم لنجعل ذلك الجزء الغني أغدقُ عطاءًا وأكثر منفعةً لنا جميعاً هرولت الثيرانُ ثانيه لتنقل على أظهرها مَليكِهمُ الجديد لضَّفه الغنى والنماء والبناء ، ويالثيران القوية ومَليكِهمُ من خفه وزنه فهو هزيلٌ نُقل في ثوانٍ معدوداتٍ للضفة الأخرى بسواعدٍ متينه من ثيران عصيةٍ عتيدة.
في اليوم التالي كانت الثيران ترعى في المرعى والأسد المليك يَرمِقُ ثيرانه المملوكة بنظرة يعرفها كثيرنا ، شَطَّ ونَطَّ أحد الثيران الأٍربعة عن المرعى مهرولاً ليبدي طاعته واهتمامه بمليكه الجديد وهو الثورُ الأسود وقال لسيده : (سيدي مابالك لاتأكل معنى فالمرعى وافر وحلالاً طيباً ) قال الأسد العرمرم :أنَّه منشغل في التفكير في طريقه لحماية المرعى بحيث لايذب إليها غازياً من شذاذِ الآفاق للمرعى والغابة كلها.

مال الثورٌ الأسود لسيده فقال له مُرني ياسيدي ستجدني طائعاً مُطيعاً .قال الاسد أنا لا أجد في المرعى سوى ذلك الثورُ الأبيض.. فأين اخوانه ذاهبون قال الثورُ هم في رحلةٍ ياسيدي لغابة البقرات البيض .

مال الملك الأسيد هامساً في أًذن مقربه الأسود قائلاً اصدقني القول ياوزيري الأسود أوليس لون صديقنا الثورُ الأبيض لافت للنظر بسطوعه وانعكاسه وخصوصاً للصيادين لعلَّ أحدهم يأتي ويقضي علينا جميعاً ، قال الثورُ الأسود : بلى بلى ياسيدي أنَّه لافت للنظر ، مرني ياسيدي أأطرده من غابتنا الحبيبه ، قال الأسد : لا لا اريد أنَّ يقال عني بأني ظالم أطرد من قومي دون سبب ، قال الثورٌ الأسود فماترى ياسيدي قال المليك المعظم : أني لست جائعاً الآن لكن للضرورة أحكام كما تعلم ... ( سأكله ) ولنقل لإخوته أنَّه قد لحق بكم وإلى الآن لم يعد ولعله ضاع أو قتل ، قال الثورُ الأسود نِعمَ الرأي ياسيدي ،فوثب الأسد الهزيل على الثورٌ الابيض الوحيد فالتهمه من كبره في ساعه والثورٌ الأسود ينظر بأن الضرورات تبيح المحضورات
عادت الثيرانُ من رحلتها سائلةً عن أخيهم المفقود فرد الثور الأسود بتحمسٍ من أنَّ اخاهم لم يعد ولعله تاه أو مات وبعد أيامٍ قليلة كانت الثيرانُ قد نست أخيها المفقود

وذات يومٍ لمَعَ وبر الثورٌ الأحمر فلمعت فكرة في رأس الملك الغضنفر .فتأفف بتقزز مبدياً امتعاضه أمام وزيره الأول ( الثورٌ الأسود) وقال كم كنت في زماني أهجم على ثيرانٍ حُمر بسبب حُمره ولمعان ظهورها . إني محتار ياوزيري أن يرأه أسدٌ غيري سوف ينتهك ملكي فنصبح طعاماً سائغاً لغيرنا وأنت تعلم مدى وهني فإني لم آكل منذ فترةٍ طويلةٍ فبم تشير عليَّ ياوزيري العزيز قال الثورٌ الأسود كُلْهُ كُلْهُ ياسيدي لتتقوى وتحمينا في كنفك الحصين فأكل الثورٌ الأحمر كأخيه غير مأسوف عليهما .
مرت الأيام فخارت قوى الأسد المتين ولم يتبقى فيه شيئاً يعمله سوى عقله . مر الثورٌ الأسود ( الوزير ) فرأى سيده فقال له : مابالك ياسيدي مهموم لاتُزَمجِر كالعادة فقال الملك أفبغير رعيتي مشغولٌ وأنت ترى كيف آل حالُ مرعانا من غنىً إلى فقرٍ مُدقَع.
 اسمع ياوزيري المقرب :إنَّ اناث شعبي ولوداتٍ وهذا يزيد من تدهور مرعانا وزيادة فقرنا ولابد من ايجاد طريقةٍ تَحُدُ من كثرةِ شعبنا العظيم . ولدي فكرة أشركُك فيها فإذا مااكلت ثورُنا الأصفر المزواج ثم أوكل اليك مهمة الزواج من إناث شعبنا وأنا أثق في إنك ستنظم تلك العملية وكبحِ عواطفك الوثَّابة ، صاح الثورٌ الأسود مزهواً بنفسه (الله ، الله ) ياسيدي على رصانةِ فكرك وسدادِ حُكمك .. كُلْهُ.. كُلْهُ ياسيدي ، قفز الأسدُ متعثراً من هِرَمه إلا انه افترس ثورُنا الأصفر المزواج وآلت زوجاته للثورُ الأسود الباقي الناجي الوزير.

وفي يوم وبينما كان الأسد المضفر بين أبنائه ( الصغار الجُدُد ) مَرَّ به وزيره الثورُ الأسود فسأله الأسد كيف إناثك ياعزيزي فقال الثورُ وهنت ولم استطع ان أرضيهن وقلَّ شعبك يامولاي ، قال الأسد الملك إن كان قد قَلَّ فهذا أفضل ولكن الأفضل أن لايُنجِبُ شَعبي أكثرَ من الإناث وأنا وأولادي الأن أشدُ جُوعاً مما مضى وإنك لشهيٌ أيها الوزير ؟! فوثب مليكنا المظفر على ثَورِهِ الأسود ليأكله فَصَاح الثورُ الأسود الوزير قائلاً :

والله ما أُكِلْتُ إلاَّ يومَ ما أُوكِلَ أَخِي الثورُ الأَبيَضْ.

Google Ads

هذا الحساب تابع لمدونة مدون محترف وهو خاص بقوالب بلوجر التي نقوم بتعريبها

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة