قد يكون للعذر محل في موقفها فهي تجد ممن لا يستحق أصبح مما يتسنم سدة القرار، وكأن هذا الزمان ليس إلا بزمان
الأنفس الكاذبة .. التي تجيد القول ، ومسح الجوخ في المواقف ، وتعيش كما تعيش الطفيليات على بقايا فتات الخبز المتناثر من يد صبي صغير، أو كهل يمضغ خبزاً قد أصبح من الماء فارغ بسبب حرارة الشمس التي سرقة منه ليونته
وما زلت أنافح جاهدا أن اقنع نفسي بأن ترضى بما كتب لها من خالقها في هذا الزمن .. إلا أن شموخها وعزتها ، وأنفتها التي لم تنكسر أو تنحني لأحد .. تأبى إلا أن تناطح أهل الهوى .. والمصالح الآنانية والطفيليين .. الذين يقتاتون على المواقف .. ومصالح مجتمع بأكمله .
مازلت أعمل جاهدا لان أقنعها أن الإنسان في هذه الدنيا راحلٌ بلا محالة ، فلن يبقى في هذه الحياة سوى عمله ، وأذكرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يتبع الميت ثلاث فيرجع اثنان ويبقى واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله. )
ورغم قناعتها بحديث المصطفى إلا أنها ما زالت آنفه أن تقبل ، فهي لم تتعود أن ترى الخطأ وتسكت عنه ، أو ترى المتطفل وتقبله ، ولم ترى الظلم فتخنع له ، ولم ترى المحتاج فلا تساعده ..
قلت لها
يا نفس ليس بزمانك ، بل هو زمان غيرك ، فعليك أن لا تذهبي بعيداً إلي حدِّ التصادم لتغيير الواقع المرير .. قالت الساكت عن الحق شيطان أخرس ..
وأخذت تذكرني بحديث المصطفى وتقول سأذهب يوماً من هذه الدنيا ولن يبقى لي منها سوى ما قمت به ، من عملٍ أفلا يكون خير أعمالنا خواتيمها . قلت لها نعم !، لكنك لن تغير واقعٌ مريرٌ استشرى به كل سوءٍ من الفعل ، وكل فُحشٍ من القول .. وكأن الناس ران على قلوبهم ، وكأنهم حجرٌ في المشاعر ، وحديدٌ في
النفس .. صخرٌ بالأحاسيس .. لا همهم إلا هم النفس التي تبحث عن ملذات الدنيا ، وكأنهم بها مخلدون ..
وختاما .. ما زالت نفسي تحدث نفسها أن لا تستكين ولا تهدأ إلا بقول الحق .. وما زلت اذكرها أن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .. وما زالت نفسي تردد ما قالة الخليل بن احمد الفرهيدي ..
