يوم في القاهرة

تعددت الأسباب والموت واحدٌ ..!! هكذا قالوا، فقد كان يوماً دامياً في القاهرة مابين صراخ وبكاء، وبين شجب ونحيب، وبين انفلات أمني وتستر واستهتار بأرواح الناس والمواطنين فلم يكن هناك أدني مساعدة أو حتي الخوف علي الناس أو حتي محاولة لإنقاذ ما يمكن انقاذه في هذا الوقت، فأنا لا أكاد أنظر إلي أحد إلا والدمعة في عينيه والصراخ من فمه « احنا لو صبرنا كده كتير هنموت كلنا محدش هيعبرنا وسيتركونا نموت مثل غيرنا.. » وحينما انتهي من حديثه إذا بصراخ نسوة كانوا موجودين في عربة الرجال جالسين يصرخون ويندحون ويتصلون بذويهم وأبنائهم ومنهم واحدة تصرخ وتقول أنا بموت يا دعاء ..!! هيموتونا يا دعاء ..!! أنا بموت ..!! أنا هموت خلاص ..!! بموت يادعاء.


فقد ذهبت إلي القاهرة يوم أمس وتوجهت إلي المترو في محطة الشهداء متجهاً ناحية حلون باتجاه السيدة زينب قاصداً مستشفي أحمد ماهر التعليمي لعمل بعض الفحوصات الطبية الخاصة، ووجدت المترو واقفاً فركبت ثم قالوا إن المترو لماذا وقف هكذا ؟ وانطفئت أنوار المترو..!! وبعد نداء من سائقي القيادة والقائمين علي محطة المترو عبر الميكروفون علي مهندسي المترو لإصلاحه بسبب انقطاع التيار الكهربائي وبعد فترة لا تزيد عن عشرة دقائق انطفئت المحطة كاملة ثم عادت الكهرباء إلي المحطة والمترو، وقاموا بإطلاق صافرة الإنذار لصعود الركاب إلي المترو، فصعد الكثير من الناس بعد أن تزاحم العدد وكثر الركاب كثيراً، وسار المترو باتجاه المحطة التالية وسار ببطءٍ ملحوظ تحدقت الأعين أمام سيره، حتي قال البعض: لن نذهب إلي قضاء مصالحنا وحاجتنا إلا بعد سنين في هذا اليوم.


ووصل إلي محطة عرابي سالماً، نزل القليل من الناس وقتها وصعد أكثرهم، ثم سار المترو في طريقه وبدأ أيضاً يسير ببطءٍ شديدٍ هذه المرة والناس يقولون: يارب نوصل بسلام، ظل هكذا يسير ببطءٍ ويتوقف برهة ثم يسير مرة أخري حتي دخلنا نفقاً مظلماً وفجأة انقطع التيار الكهربائي ووقف المترو سريعاً، ومع ارتفاع درجة الحرارة غرقت عرقاً بعد مضي أكثر من ربع ساعة ننتظر الحل، وقتها صار الصراخ والبكاء حديث الجميع، أحدهما يقول لي: لابد من حل هما مش هيلحقونا ولا ايه احنا لو فضلنا كده كتير سنموت جميعاً، وقتها صار الصراخ يزداد بين النسوة الجالسين في عربة الرجال وأخذت واحده منهن تريد كسر الزجاج من خلفها وهي تتحدث تليفونياً أنا بموت يادعاء، اهتزت أعصاب الرجال، وأخذ هنا من يقول نريد دشمة أو شاكوش أوي أي شىء نكسر الزجاج أو نفتح هذا الباب، قام الناس جميعاً تجاه الباب وبكل قوة يريدون كسره أو فتحه حتي قام رجل بكسر شباك الطوارىء وتحريك الأزرار حتي انفتح الباب، اتجهت واحده من النساء وهي تريد بإلقاء نفسها من المترو علي الأرض حتي أمسكها الناس خشية أن تؤذي أو تصاب بمكروه وخاف الناس من أن يأتي مترو مقابل يطيح بمن يقف أمامه أو يعطل طريقه، وإذا برجل كبير يأتي ويقول أنا مش عايز أموت احنا هنموت تذكرت وقتها فيلم القطار وقلت في نفسي بلدنا لن تتقدم أبداً أخطاء الماضي لا زال لها بصمة ها هي تتكرر، ولكن لا أراها عن بعد في شاشة التلفزيون بل هي اليوم أمام عيني ظاهرة وجلية بوضوح، وإذا بهذا الرجل يقول لي والنبي يابني نزلني أنا مش هشوف حاجة كدة خالص، بدأنا في انزال الناس من العربة وهناك من خاف من النزول وظل يبكي خوفاً، سار الناس صفاً واحداً والجميع يضىء هاتفه حتي يري ما تحت قدميه، وفي الجانب توجد حجرات كبيرة بها كبلات كهربائية ضخمة سقط كثير من الرجال والنساء مغمي عليهم من ضيق التنفس، سرت في طريقي ومشينا جانباً وراء بعضنا حوالي 10 دقائق لكثرة الزحام حتي وصلنا إلي المحطة التالية ووجدنا المترو المقابل متوقف والناس تصعد يميناً ويساراً من علي السلالم في جانبي المحطة.


ومن الناس وبالأخص كبار السن من يقذف الحكومة بالإهمال وإزهاق أرواح المواطن بسكين بارد،  ومنهم من أخذ يلعن في رئيس مصر وحكومته وهوا يقول: لم نسمع عن اخوان ولا عن 6 ابريل شوية مساجين رد سجون هيلعبوا بينا، ومنهم من مشي مطئطئاً رأسه وهوا يقول لا حول ولا قوة إلا بالله أرواح الناس أصبحت لعبة في يد أناس يحاربون الشعب من أجل أنهم اختاروا رئيسهم، الشعب يعاقب يومياً يابشر، أضف إلي ذلك وجود الباعة علي ساحات الطرق العامة بكثرة كبيرة للغاية ورجال الشرطة رأيتهم بعيني يتفرجون علي مفرقعات وبومب وصواريخ حتي قال لهم أحد الرجال: أيوه أيوه اتمشوا اتمشوا فنظروا إليه وهم يضحكون ساخرين، ومابين رجل آخر يقول: طيب هذه هي الشرطة، فأين رجال المرور هم الآخرين، وهناك من يقول: لم يكن يجرأ أحد علي عمل هذا أيام النظام السابق كأن أقل أمين شرطة يهز رؤس هؤلاء ويرعبهم ولم تكن لهم الجرأة علي فعل هذا، أما اليوم فنحن ندفع ضريبة العجز، وضريبة الخيبة والنيبة، بلد مثل العجينة العفنة، إذا أخذنا منها جزءاً عفناً لنطهره ذاد مكانها عفانة وقذارة.

 نهاية المطاف ما رأيته هوا أن الشعب يعاقب ولابد من حزمٍ ومن عزمٍ علي تحقيق العدل والضرب بيدٍ من حديد علي من يخالف أو يظلم الناس كما يفعل بنا هؤلاء..!!

Google Ads

هذا الحساب تابع لمدونة مدون محترف وهو خاص بقوالب بلوجر التي نقوم بتعريبها

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة